عَرْشُ الْقَصِيد
إلى الشاعر الأجمل د.غازي القصيبي
(كُتبت قبل وفاته رحمه الله)
حَلَّـقْتَ مُبْتَعِـدَاً وَأَنْـتَ أَمِيـرُهَـا
مَـا حَلَّقَتْ بِالْقَـافِيَـاتِ نُسُورُهَـا
واجْتَزْتَ بِالْقَلَمِ الأَصِيلِ فَطَاحِلاً
مَهْمَـا تَشَـدَّقَ وَادَّعَى مَوْتُورُهَـا
وَأَنَـرْتَ بِالأَدَبِ الْمُنَـوَّرِ أَنْفُـسَـاً
حَتَّى تَقَشَّـعَ في الْوَرَى دَيجُورُهَا
بِالشِّـعْـرِ أَوْ بِالنَّثْـرِ أَوْ بِكِلَيْهِمَـا
مِنْ كُلِّ بَاهِـرَةِ السَّنَـاءِ شُذُورُهَـا
وَكَـأَنَّ لأْلاءَ الْحُـرُوفِ بِوَشْيِهَـا
قَبَسٌ مِنَ الأَنْـوَارِ شَـعَّ مُنِيـرُهَا
لَكَ مِنْ بَدِيعِ الْحَرْفِ لَوْحَاتٌ، وَلِي
شَـوْقٌ كَأَنِّي فِي الْحَيَـاةِ أَسِيـرُهَا
تَزْدَانُ مَـا لَمَعَتْ بِهَـا أَضْوَاؤُُهَـا
وَكَأَنَّـهُ وَجْـهَ النَّهَـارِ سُفُـورُهَا
لَمْ أَدْرِ كَيْفَ سَكَبْتَهَـا وَأَضَـأْتَهَـا
فَزَهَتْ بِهَـا في الْعَالَمِينَ بُدُوُرُهَـا
هَلْ كُنْتَ تُشْعِلُهَا عَلَى وَهَـجِ الرُّؤَى
يَا لَيْتَ شِعْـرِي كَيْفَ بِتَّ تُنِيرُهَـا?
فِيهَا مِنَ الْحُسْـنِ الْفَرِيـدِ رَوَائِعٌ
في صَفْحَـة الإِبدَاعِ عَـزَّ نَظِيرُهَا
تَتَرَاقَصُ الأَرْوَاحُ فِي رَهَجَـاتِهَـا
وَيَشفّ ُ عَنْ أَفْرَاحِهِـنَّ شُعُورُهَا
وَإِذَا الْقَصَائِدُ بِالرَّوَائِـعِ أَشْـرَقَتْ
في الرّوحِ أَشْرَقَ بِالضِّيَـا بلورُهَا
مِنْ وَمْضَةِ الْفِكْـرِ السَّنِيِّ مِدَادُهَـا
يَفْتَـرّ ُ عَنْ أَلَـقٍ بِهَا وَسُطُـورُهَا
أَوَلَمْ تَكُـنْ أَنْتَ الْمُبَـرَّزُ شَاعِـرَاً
فِي فَنِّـهِ شَمْـسٌ تَفَجَّـرَ نُورُهَـا
أَرْنُـو فَيَأْتَلِـقُ الْجَمَـالُ بِأُفْقِهَـا
وَتَهِيمُ رُوحِي أَوْ يَطِيشُ وَقُورُهَـا
قُـزَحٌ هُنَـاكَ مِنَ الرَّوِيِّ طُيُوفُـهُ
وَأَنَا هُنَـا مِنْ دَهْشَتِـي مَبْهُورُهَا
وَإِذَا قَرِيحَتِـيَ الَّتِي نَضَبَتْ تَسُـحّ ُـ
عَلَى الطُّرُوسِ وَلا يَكُفُّ خَرِيـرُهَا
فَبَقِيتُ أَسْكُبُ مِنْ فُنُـونِ الشِّعْرِ مَا
بَهَـرَ الأَنَـامَ جَلِيلُهَـا وَيَسِيـرُهَا
خُذْهَـا أَبَـا يَـارَا الْحَبِيبَ مَـوَدَّةً
يَشْـدُو بِهَا فِي عُشِّهِ شُحْـرُورُهَا
خُذْهَـا مِـنْ الْقَلْبِ النَّقِـيِّ تَحِيَّـةً
مِسْكِيَّـةَ النَّفَحَـاتِ مَاجَ عَبِيـرُهَا
وَاجْلِسْ عَلَى عَرْشِ الْقَصِيدِ مُتَوَّجَاً
لَكَ في الإِمَـارَةِ تَاجُـهَا وَسَرِيرُهَا
أَنَا لَسْتُ أَرْجُـو فِي الْقَوَافي مَغْنَمَاً
يَكْفِي بِـأَنِّي قَـدْ كَوَانِـي نِيـرُهَا
حَسْبِي مِنَ الأَشْعَارِ مُهْجَتِيَ الَّتي ـ
اشْتَعَلَتْ وَطَبَّقَ بِالأَرِيـجِ بُخُـورُهَا
الحسين الحازمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق