إلى روح والدي رحمه الله بعد فقده باثني عشر عاما
"مرثية الجود"
أهاجرَت أحرفي اللاتي قد انتظمَتْ
بالشعرِ نشوانةً تشدو على شفتي؟!
أم أنه قلمي جفّت سحائبُهُ
وطالما سكبَتْ فنّا بمحبرتي؟!
ومالها كلماتي بعد رِقّتها تكاد تجرحُ إن غنيتُ حنجرتي؟!
وفي ضلوعيَ بات الحزنُ متّكئا
يكاد من ثقَلٍ يهوي على رئتي!!
ماذا سيعقُبُه هذا الشعورُ وهل
بالشعرِ تسعفني إن حاولَتْ لغتي ؟!
وأي شعرٍ تراهُ يحتوي ألمًا
جرى ببؤسيَ حتى احتلّ أوردتي ؟!
أبي،وينهارُ سدُّ الصبرِ يَنسِفُهُ
- عزيزُ دمعٍ على خدِي - كقنبلةِ
أبي،وتسودُّ كلُّ الأرضِ في نظري
وقبلَ فقدِك لم أفجعْ بمُحلِكةِ
أبي سأبكيك لكن لم أجد سُبُلا
لآهةٍ في أقاصي الصدرِ موغلةِ
نعم سأبكيك لكن خانني كلِمٌ
وليت أدمعيَ الحرّى بمجزئةِ
كيف احتماليَ خَطبًا كادَ يقتلني
بمثلِه لم تحِط يوما مُخَيّلتي
بحرٌ من الحزنِ ألقتْني عواصفُهُ
- لمّا ترحّلتَ - في أحضانِ زوبعةِ
وكيف أمخرُ هذا اليمّ منفردا
وكلُّ أمواجِهِ حَفّت بأشرعتي
كيف النجاةُ وعينُ البؤسِ أُبصرُها
بكل قسوتها ترنو إلى جهتي؟
ياوالدي لم تمُتْ لكن خَرِسْتُ أنا
وكنتَ صوتي وأشعاري وأغنيتي!
ياوالدي لم تمُتْ لكن سُجنتُ أنا
وكنتَ أفقي وتحليقي وأجنحتي!
ياوالدي لم تمت لكن هلِكتُ أنا
وكنتَ طوقي ومِجدافي وبوصلتي!
بالله كيف يموتُ الجودُ أجمعُهُ
وكيف للسُّحبِ أن تأوي لمقبرةِ ؟!
أُعذر حروفيَ إن الفَقدَ يذهلني
إذا كَبَتْ قبلَ نيلِ القصدِ أحصنتي
وإن عصتنيَ أشعاري وقافيتيْ
فإنني رغم هولِ الفقدِ يا أبتي
برحمةِ الله من عفوٍ ومغفرةٍ
وجنةِ الخُلدِ تأويها على ثقةِ
حمود القاسمي
١٤٣٨/٢/٢٤
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق